الأربعاء، 11 يوليو 2012

ياأيها الغالب في مدائحي 
- نقوس المهدي




" إنهم يريدون خلق جيل من الضباع " ذ. محمد جسوس


عو
عوو
عووو
عوووو
عووووو
بدأت في العواء، وخرجت بدوري الى ظاهر البلدة، في البدء كان الأمر عاديا جدا، عاديا كسرنمة، عاديا تماما، مثل ما يحدث في أحيان عديدة، كما في الأفلام مثلا أو في أحلام اليقظة، وتحولت الأحداث الى ما يشبه الأمر الواقع، ثم بدأ التحول يبسط سلطانه على المدى تدريجيا، كما يحدث عادة خلال الأوبئة والأزمات والكوارث، حينما تبتدئ الاحداث في الانتشار والظواهر بالتفسخ والتحلل، وإذا بالكل يتحولون الى ذئاب آدمية، ينزحون الى ضاحية المدينة، يعوون ما شاء لهم، كما أجساد سقيمة تفرمها قاطرة الزمن العنيد بدون أدنى رحمة، يفلق يباس الخشب وتواطؤ الصمت المريب المنبعث من الذاكرة المخترمة أرواحنا المختمرة بالنسيان وبالحرمان وبالإحباط، حتى أصبحنا نفكر في مدى مراهنة البياض على الوقوف في وجه الخسارات، ومدى مقاومة المرايا لفتنة الانكسارات والغواية، في البداية، اقترن الأمر بمد اشاعات رحمتهم فينا، بزرع الوشاية، بملء الجدران بصور السلالة، بإخفاء مواد ضرورية، باختفاء مواد أساسية، برسم جمجمة تتقاطع على وجهها عظمتان، بإقامة متاريس في الجهات الأربع مائة، بإعلاء سجون، بمحصارة الأهلة، بإخماد الشموس، وباختلاق أزمات أخلاقية مرة، وذات مظاهر سياسية واقتصادية مرات أخرى، وبظهور غرباء، مافتئوا أن يجتاح دخولهم هواءنا كأضغاث أحلام، فانتشروا فيه بجسارة، حتى اكتمل تواجدهم فينا، وأكملوا دبيبهم في تيهنا، يتفرقون في كل الأمكنة، يمدون آذانهم وعيونهم ذات الميمنة وذات الميسرة، طولا وعرضا وفي كل الاتجاهات والنواصي، يراقبون الحركات، ويتصيدون التحركات، وينقلونها في إضبارات صغيرة بحجم راحة اليد، يسجلون كل شئ في نفس الوقت تماما، الرشفات والهمسات تقريبا، الإلتفاتات والإبتسامات والتقطيبات والرعشات تقريبا تقريبا، يحصون فقرنا، يحصدون مرارتنا، يحرسون جوعنا، يحرصون على أحزاننا الموجعة، يسممون طحين الحنطة، يطعموننا مرق الأرق وشواء الغيب، ويستمنون على الجارات في أفرشة مخيلاتهم، يستسلمون لدفء الأخيلة وحرارة الدفء المنبعثة من ربلاتهن اللحيمة، يستعينون بسيمياء التورية والمجاز والتأويل على سنين الحرمان، يملكون القدرة على ارتداء ألف وجه في نفس الوقت تقريبا تقريبا، وبقادرين على سماع همس الندى بصبر لحوح، وملاحقة قهقهات الصبية، يخزرون لكل شئ، يجلدوننا بالنظرة، يجادلوننا ويقارعوننا بالحجة، ويدافعون عن خيباتهم كقديسين، ويقسمون بمواقعة أمهاتهم ودين ربهم، وبحق آصرة الحليب المجفف، ليوهموننا بصدق النية كي يوقعوننا في سوء مغبتها، يجيدون بلاغة الجلاد، وبراءة الضحية، يؤدون التحية، ويبتسمون في الوجه حتى بدون سبب، ابتسامة باهتة شاحبة، شحوب باهت يشف عن عروق زرقاء تحت جلود كالحة، ويمضون الى الحيث المجهول، حيث لا أحد يعلم، حيث اللاحيث، فيما نقضم وقتنا، نحصي خيباتنا التي تمضي بنا الى حيث لا ندري، نفرط سنوات العمر.. ونعيد ترتيب ارتباكات الأيام بثمالة النبيذ الحريف واغنية "الشاليني"، نرهنه لكنف الأحراش، لليل مقصوص الأخيلة يجرش رؤاه على رحى المستحيل، لترنيمة من رذاذ الرمل، لرفة من سخاء البحار، لفيض الغابات المتكئة على حياد الظلال ولامبالاة الطقس، ولجبال تسندها هشاشة الفراغ، ننسج أجنحة ومواويل لأحلام الفقراء، نعتق الأفراح لأعوام مقبلة، نريق بولنا على رؤوس السلاطين، قطرة قطرة كتبول البعير، ندلق عليهم ما نضمر لهم من كراهية وحقد دفين، نقتفي عزلة اللقالق الى حيث يقين العزلة، نلملم سمسم الضياء اليسٌاقط من جدائل الشمس، نرمم تعتعة القناني بكل ما نملك من نفايات عمر مهيض،  كنت أشك دوما في أنه ينتمي لفصيلتي، نراهن دوما على سباق خاسر، عن من منا يسابق ظله، ويصل الى حتفه الأول، عن من يؤدي رقصة السيرتاكي بحذاقة ألكسيس زوربا، عن من يعلق آماله على لوعة الصدفة، عن وطن ما يزال يضبط ساعاته على الوحدة ونص، وطن تنبجس منه السجون والشرطة والرزايا كالخطيئة، وطن لا ياتيه الخير من بين يديه ولا من خلفه ولا من أمامه، عن ما يكنزون لنا من أحقاد وموت  وجوع ومن هراوات ومن مرارة، عن البازلاء والفاصوليا والعدس والفوم والكرفس، عن الحروب الساخنة تمرغ قاعها في أسمالنا، عن أحادي أوكسيد الكربون والمازوت ينعش هواء الحدائق، والطرقات الملغومة بكمين الجسر وتيه السبيل، عن حشيشة القنب  وزهرة الخشخاش تربت على اجداث الدهاقين، عن من يبني فرحه على زقزقة اليمام وأهازيج الفراشات، ونجوم تتأرجح في الميزان، عن سر استئمان الحق على بريق الذهب الابريز، عن من يعلق عواطفه على رضا حبيبة تنزع حبيبات دمه من فتنة عواطفها وغبطتها، وتسقط سحنته من وهج اللهفة، عن الوصولي يهتبل المناسبة، عن من يعض على وجعه بالنواجذ وينضج نوم آولاده على ماء القدر، عن من يجلو الحزن العالق في القدور، عن من يستدرج الجمل إلى قدر، عن من يستدرج الأقدار الى الصراط...
الصراط الغير المستقيم،
صراط الذين
الصراط الذي
صراط الذي
السراط السيار
سراط الغريب
سراط الغربات
سراط حيثما وقاب وقوسين وأدنى، وعندما، وبعدما،  وكانما،  وربما، وكلما   ، وإما، وأما، وفيما، ولما، وما في الحسبان ..
حيث لا سراطا مستقيما يجس سنابك الصافنات..
لا نمارق ممدودة من حرير ودمقس للمماليك المذهولين الآبقين..
لا لوطن بدون حرية ونصف قبر..
لا للطغاة يستعذبون النهب فينا..
تقول أمي ما شأنك والسياسة يا ولدي..
يقول المناضل الحياة لا تؤخذ الا عنوة..
يقول الفقيه كل بدعة ضلالة..
يقول المواطن مواطنون نحن لا رعايا..
يقول الشارع إذا الشعب يوما أراد الحياة..
يقول السياسي الحزب محطة لبلوغ الوزارة ..
يقول الوالد كن رجلا ولا تتبع خطواتي ..
يقول القديس ليس بالخيز وحده يحيا الانسان ..
يقول الثعلب حينما تسمق الدالية كم أنت حامض أيها العنب..
تقول العرافة في حياتك يا ولدي..
يقول السياف الوقت كالسيف..
يقول الصائغ الوقت من ذهب..
يقول النقابي ياعمال العالم اتحدوا..
يقول المحامي لا أحد يعذر بجهله للقانون..
يقول الفدائي المجد للكلاشنكوف..
يقول الشاعر يا أمة ضحكت..
يقول الراوي من أين تبتدئ الحكاية..
يقول المرابي المال يولد المال..
يقول الإنتهازي من أين تؤكل الكتف..
ويقول صاحبي وهو يشرق  بالحسرة نحن من نصنع    أصنامنا، نؤلهها ونعبدها ونقع في حبها، وأتذكر بيجماليون، ومايكل أنجلو وهو يجدع أنف المسيح ملاطفا إياه بإزميله مخاطبا إياه: إنطق يا موسى
وأقول للشهداء شهاداتهم
ولدماء الشهيد عرسها الدموي
 ونتساءل    عن من يستدرج الأقدار الى الصراط.. عن من يستدرج الجمل إلى قدر، عن من يجلو الحزن العالق في القدور، عن من يعض على وجعه بالنواجذ وينضج نوم أولاده على ماء القدر، عن الوصولي يهتبل المناسبة، عن من يعلق عواطفه على رضا حبيبة تسقط سحنته من وهج اللهفة، تنتزع حبيبات دمه من فتنة غبطتها وعواطفها، وعن سر استئمان الحق على بريق الذهب الابريز، ونجوم تتأرجح في الميزان، عن من يبني فرحه على زقزقة اليمام وأهازيج الفراشات، عن حشيشة القنب وزهرة الخشخاش تربت على أجداث الدهاقين، والطرقات الملغومة بكمين الجسر وتيه السبيل، عن أحادي أوكسيد الكربون والمازوت ينعش هواء الحدائق،  عن البازلاء والفاصوليا والعدس والفوم والكرفس، عن الحروب الساخنة تمرغ قاعها في أسمالنا، ووطن لا يأتيه الخير من بين يديه ولا من خلفه ولا من أمامه، وطن تنبجس منه السجون والشرطة والرزايا كالخطيئة، وطن ما يزال يضبط ساعاته على الوحدة ونص، عن ما يكنزون لنا من مرارة ومن هراوات وجوع  وموت وأحقاد، عن من يؤدي رقصة السيرتاكي بحذاقة ألكسيس زوربا، عن من يعلق آماله على لوعة الصدفة، ويصل الى حتفه الأول، عن من منا يسابق ظله، ويراهن دوما على سباق خاسر، نرمم تعتعة القناني بكل ما نملك من نفايات عمر مهيض، اليسٌاقط من جدائل الشمس، نلملم سمسم الضياء اليسٌاقط من جدائل الشمس، نقتفي عزلة اللقالق الى حيث يقين العزلة، ندلق عليهم ما نضمر لهم من كراهية وحقد دفين، قطرة قطرة كتبول البعير، نريق بولنا على رؤوس السلاطين، نعتق الأفراح لأعوام مقبلة، ننسج أجنحة ومواويل لأحلام الفقراء، ولجبال تسندها هشاشة الفراغ، ولجبال تسندها هشاشة الفراغ، لفيض الغابات المتكئة على حياد الظلال ولامبالاة الطقس، لترنيمة من رذاذ الرمل، لرفة من سخاء البحار، لليل مقصوص الأخيلة يجرش رؤاه على رحى المستحيل، نرهنه لكنف الأحراش، ونعيد ترتيب ارتباكات الأيام بثمالة النبيذ الحريف وأغنية " الشاليني "، نفرط سنين العمر، نقضم وقتنا، ونحصي خيباتنا التي تمضي بنا الى حيث لا ندري، حيث لا أحد يعلم، حيث اللاحيث، فيما ظهور الغرباء يجتاح هواءنا، يتفرقون في كل الأمكنة، حتى انتشروا فيها بجسارة، واكتمل تواجدهم تلقائيا فينا، وأكملوا دبيبهم في تيهنا كأضغاث أحلام، يمدون آذانهم وعيونهم طولا وعرضا، وفي كل الإتجاهات، ذات الميسرة وذات الميمنة، يتصيدون التحركات، ويراقبون الحركات، يلعنون المعنى، يسجلون كل شئ في نفس الوقت تماما، وينقلونها في إضبارات صغيرة بحجم راحة اليد، الهمسات والرشفات تقريبا، الرعشات والتقطيبات والإبتسامات والإلتفاتات تقريبا، يسممون طحين الحنطة، يطعموننا شواء الغيب ومرق الأرق، يحرسون جوعنا، يحصون فقرنا، ويحرصون على أحزاننا الموجعة، يستمنون على الجارات في أفرشة أخيلتهم، يستسلمون لدفء الأخيلة وحرارة الدفء المنبعثة من ربلاتهن اللحيمة، يستعينون بسيمياء التأويل والمجاز والتورية على قهر سنين الحرمان، يملكون القدرة على ارتداء ألف وجه في نفس الوقت تقريبا تقريبا، وبقادرين على سماع همس الندى بصبر لحوح، وملاحقة قهقهات الصبية، يجلدونك بالنظرة، يخزرون لكل شئ، يجادلونك ويقارعونك بالحجة، ويدافعون عن خيباتهم كقديسين، ويقسمون بحق آصرة الحليب المجفف، وبمواقعة أمهاتهم ليوهمونك بصدق النية كي يوقعونك في سوء مغبتها، يجيدون بلاغة الجلاد، ويفتعلون براءة الضحية، يؤدون التحية ويبتسمون في الوجه حتى بدون سبب، ابتسامة باهتة شاحبة، شحوب باهت يشف عن عروق زرقاء تحت جلد كالح، ويمضون الى الحيث المجهول، حيث لا أحد يعلم، حيث اللاحيث، حيث يفلقنا يباس الخشب، وتواطؤ الصمت المريب المنبعث من الذاكرة المخترمة، المختمرة بالنسيان، واقترن الأمر باختلاق أزمات اقتصادية وسياسية، وذات مظاهر أخلاقية مرات اخرى، بإخماد الشموس، بمحصارة الأهلة، بإعلاء سجون، بإقامة متاريس في الجهات الأربع مائة، برسم جمجمة تتقاطع على وجهها عظمتان، بإخفاء مواد أساسية، باختفاء مواد ضرورية، بملء الجدران بصور السلالة، بمد اشاعات رحمتهم فينا في البداية، حتى أصبحنا نفكر في مدى مراهنة البياض على الوقوف في وجه الكوارث والخسارات، ومدى مقاومة المرايا لفتنة الغواية، وإذا بالكل ينزحون الى ضاحية المدينة، يتحولون الى ذئاب آدمية، يعوون ما شاء لهم، كما أجساد تفرمها قاطرة الزمن العنيد بدون ادنى رحمة، وابتدأت الظواهر بالتحلل والتفسخ، ثم بدأ التحول رويدا رويدا، كما يحدث عادة خلال الأوبئة والأزمات والكوارث، وبدأ التحول يبسط سلطانه على المدى تدريجيا، وتحولت الأحداث الى ما يشبه الأمر الواقع، كما في أحلام اليقظة أو في الأفلام مثلا، ومثل ما يحدث في احيان عادية، عاديا كسرنمة، عاديا تماما، عاديا جدا كان الأمر في البدء، خرجت بدوري الى ظاهر البلدة، وبدأت في العواء،
عوووووو
عووووو
عوووو
عووو
عوو


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق