الجمعة، 27 أبريل 2012

- حين كان الحب ديني وإيماني‏‏ 

 ســـرد 

نقوس المهدي



ثلاثة تجلو عن القلب الحزن
الماء والخضرة والوجه الحسن

أبو نواس 

 

 

جربت جميع الصيغ الممكنة كي أقنع روحي بما لا يجعل مجالا للشك فيما إذا كان لكلمات الحب والمحبة والعشق والغرام والهيام  صيغة للجمع ، أسوة بسائر الأسماء والمفردات فلم أفلح ، ربما لنبل الكلمة ، وصدق طويتها، وصفاء نيتها ، وعدم تورطها في الحربائية وامعانها في التشظي والاختلاف ، فيما أننا نجد هناك بالمقابل عدة أصناف وأنواع وألوان وصيغ للحب والعشق والهيام ، وهلم تطريزا بمختلف توائم المترادفات والمسميات وصنوفها ومكابداتها ومحائنها المستعصية على التخمين والتصنيف ، والتي انكوى بكيمياء لظاها الحريف العديد من العشاق عبر التاريخ الذي لا تخلو منعرجاته من صدمات وكدمات وانكسارات وتباريح ، ومن تحبيرات مثالية ، وحمق وجنون لا يعافى احتار في امره امهر النطاسيين والحكماء ، وحرقة لا تكاد تنطفئ الا بطلوع الروح من البدن ، قبل ان تبيد هذا الشغف شرائع العولمة بطوربيداتها المدمرة ، وتفتح الباب امام طبعة جديدة ومنقحة من الحب العابر للقارات، عشق بجلاجل كاللعنة ، لا هو عذري ولا إباحي ، ولا بشرقي ولا غربي . لهذا وربما لخطأ وسوء في تقدير الخواتم او لحسن الطالع ايضا لم نكن نعير هذه العاطفة النبيلة كثير اعتبار ، فكانت حياتنا محطات عابرة لحب عابر، وفواصل لا تكاد تنتهي الا لتورط القلب في عشق جديد ، وعشقت بدوري كثيرات ، وهفا فؤادي لكل من حرضني على مفاتنها طرف البصر ، سواء من كن يمعن في الصد ، ويشهرن وسطى اصابعهن في وجهي ، او من يفتر مبسمهن عن ضحكة ماكرة ، واعتقدت انهن احببني ، أو هكذا كنت أتوهم ، ليستغلن سذاجتي كي أكتب لهن مواضيع الانشاء ، سذاجة عاطفية اكتسبتها من قراءاتي لقصص المنفلوطي وأحمد سعيد العريان ومحمد عطية الابراشي ، ورواية البؤساء من ترجمة دار العلم للملايين ، وبخاصة رواية بول وفرجيني لبرنار دو سان بيير التي استنبتها طيب الذكر سليل البكائين مصطفى لطفي المنفلوطي وسقاها بالدموع ورعاها بالسهاد ، وكنت أستغرق بدوري في بكاء مرير خلال كل قراءة لها لندرة الكتب والقصص في محيط ذلك الوقت .

ولعل اول عشق هز كياني وعشقت بموجبه بعنف رواية باولو كويلهو المائزة : "Sur le bord de la rivière Piedra je me suis assise et j ai pleurée ". كان لصبية بدوية من بوادي الرحامنة، حيث كنت أتردد خلال كل عطلة صيف، وأنا ابن خمسة عشرة عثرة ، لأرعى البقر مع فتيان وفتيات القرية ، ونسبح في الغدران الموحلة ، او نغوص عميقا في الطمي المعجون بالبول ، عرايا الا من ستر الرحمان ، لم تكن البيكينيات والمنهدات قد خلقت بعد في ذلك الزمان ، بل ولم تكن تلك الفيوض الكريمة بقدودها المقدودة تحرك سواكن شهواتنا الدفينة ، ولا بقادرة على إحداث خدش فادح في شرف القبيلة المصان ، لعدم تبرعم رمان وأزهار ورياحين وزنابق في الجسد ، كانت صدورهن ملحوسة تماما ، لم تجد عليهن الطبيعة بنصيبهن من فاكهة النساء اللذيذة بعد ، هكذا كنا جديرين بطفولتنا ، كصوفيين يخمد ذلك النوع من الحب الكتيم الصبوات في النفس بدل تأجيج أوارها ، ويطفئ الرغبات في مهدها عوض إضرام اللهب والحرائق في هشيم الروح..


كانت ن. قصيدة غزلية ، حواء رحمانية فيها مزيج من ملاحة وبداعة أعاريب الصحراء ، ورقة ودلال وغنج العرب المتغربين ، خرافة بقد نخلة ورقبة ظبي ، وخدين من ورد ، وساقين من عاج ، وقدمي غزال تدوسان قلبي الرهيف ،  وتمشيان بي إلى حيث شطآن الإثم . هكذا لا أزال أتخيلها ، بتولا تتخايل في طيلسان الحسن والجمال ، هفهافة توشك أن تذوب من فرط  رقتها وخفرها ، يتضوع منها طيب القرنفل ، ويفوح شذا الخزامى من غذائرها ، ومن كفيها يشع سواد حناء ، عينان كحيلتان من دون كحل ، وفما مختوما ، وشفتان زهرتان ، وخدان شقائق نعمان بغمازتين ، وشعر كحلي يؤطر سحنة ملائكية يشوب بياضها تورد وخفر حينما تديم النظر اليها ، لم نبح لبعضنا ابدا بهوانا ، كنا فقط نرسم اقمارا وشموسا وطيورا وبراري ونحلم ، نداول بيننا الغازا وحكايات لا تدر الضحك والتعجب ، ونحكي عن ملائكة وجنان وفراديس ، ونكتفي من الغنيمة بالنظر ، كانت النظرات تسري في دواخلنا كسريان الماء في الارض اليباب ، وكفيلة بري عطش الاوصال المحرومة ، واستغوار مناطق قصية في اغوار النفس فتحركها بلطف ، لطف عفيف لا تزأر بمفعوله الغواية في داوخلنا ولا تتحرك قيد رغبة ..، هكذا كنا سادرين في جناتنا ، وهكذا أصبحت راعيا من أجلها ، إلا أن أقبل عصر ذلك اليوم شقيقها ليخبرها بان عمتها الغنية اتت من مدينة الرباط لتاخدها معها، أصرت على أن أصحبها الى مشارف الدوار ، وعند الوداع ابقينا ايدينا في بعضها لوقت يسير ، لا استطيع تكهن كم دام ، تبادلنا كلمات خجولة ، وآهات كتيمة ، واستلت يدها من بين يدي وانصرفت ، فيما قبعت على حاشية أحد المجاري واستغرقت في نوبة بكاء لم تلحقني الافاقة منه الا والليل قد عسعس ، والعتمة قد عامت على الخيام ، واستشبحت الطرقات والحقول.

 

بعد ذلك بسنين أحببت بعنف فتاة جميلة في خفر اسمها "م".. أحببتها لحد الجنون ، أحببتها ، حبا ملك علي جوارحي وكياني .. ودمر وجداني ، ووقفت لي عائلتي حاجزا دونه ، كنت أتتبع خطواتها وهي بطريقها إلى المدرسة .. فلا أنا بمستطاعي تكليمها ، ولا هي  قادرة على أن تلتفت .. شيء ما يمنعها بالرغم من أنها تحس ..

و الآن و على مسافة أربعين محطة من ذلك الحب البعيد الأليم ، لا يزال الحنين إلى ذلك الحب الافلاطوني لي بالمرصاد، يترصدني ويستأسد علي كلما حاصرتني الذكريات، أو كلما تذكرتها .. ويزرع في حياتي قنابل موقوتة، ويبعث في دواخلي رعشة عنيفة لا هي بالدغدغة ولا هي بالهزة.. فأتذكر انه كان لي  قلب أنا أيضا، وسكن العشق مفاصلي ولبث يتلبس كياني كالمارد لردح من الوقت غير يسير، بالرغم من أني لم أحب بعد ذلك أبدا.. وحينما نويت الزواج خطبت صباح يوم الأحد ، وتزوجت مساء نهار السبت الموالي..

الأربعاء، 25 أبريل 2012

 - جئت لأزف إليكم بشرى موتي 
 قصة قصيرة
نقوس المهدي

" حتى على الموت لا أخلو من الحسد " - الوأوأء الدمشقي*

الكثيرون يستعجلون مماتي..
حتى وأنا مسجى على الحصير، الحصير البارد للموت الكئيب، لم يكفوا عن الشماتة بي، وانتظار الشهقة الاخيرة...
أولادي ليرثوا الصئبان والبق والقمل..
معارفي ليتقوا عفة لساني...
الحكومة كي أكف عن وقاحة مهاجمتها والمطالبة بنصيبي من ثروات البلد...
الرب ايضا لأسباب لاأستطيع تخمينها..
وملك الموت الذي لم يكن أقل رأفة منهم، ولا أرق قلبا، شويخ من الغابرين، أتذكره جيدا حين جاء لزيارتي غير ما مرة بأزياء تنكرية، كان يمارس لعبته الوضيعة، نتعارك وننهي معاركنا بالشتائم والحجارة والوعيد، ونفترق من دون دماء، ونتواعد على لقاء جديد، يمنيني بجنان مغبشة وخمور رديئة وحور معمشة، ويساومني ويفاصل وينازل، ومرات أتى على هيأة امرأة أنيقة في كامل عدتها صبية هيفاء فاتنة متبرجة مشرعة كنوزها، راودتني بكلماتها الموغلة في العهر والهشاشة والرقة واللين، وأمعنت في افتتاني بغنجها الماكر ورقتها الفاجرة وغمزاتها الساحرة وحركاتها الداعرة، وعجيزتها الموزونة على هيأة قصيدة غزل، فاصد عنها وأكسر كبرها، وأقول يا حمقاء غري غيرنا*.. هذه المرة جاء الى عقر داري محمر العينين، ونفسه تنطوي على شر دفين، لم يخيرني بين فرضيتي موت الرحمة واختيار ميتتي بنفسي، أزال الغطاء من فوقي بقوة، كنت عاريا الا من نصفي جورب ومئزر مثقوب من الخلف واحدى بيضاتي تطل، بدا يضغط على متانتي بعنف، ويعصر مصاريني حتى أضرط وأتغوط، ويجر لساني بقوة سفاح محترف، ويطبق بقبضتي يديه الخشنتين على رقبتي بشكيمة وصبر مجرم، ويطلق كلابه المسعورة تلغ في أسن دمي، موت عدو لا يمت للحياة ببصلة، يحاول في عجلة من أمره طرد الروح من جوفي، وإنهاء الأمر بسرعة، عين علي، وعينه الأخرى على طابور من المنتظرين، يصر على شفتيه بأسنانه المدببة، وسحنته المكسوة بدثار يأس مكين، لم أكن أعتقد أنه بهذه القساوة والغلظة والفظاظة والحقد والكراهية والخسة والجبروت، هو الذي لم يفرح يوما لأفراح كائن، ولم يستأنس ابدا لميلاد صريخ، ولا لانت أحشاؤه يوما لأنــة عجوز دردبيس، - ولم يحزن على فقد أخ ولا حزن أم على ولد- ، كانت حركاته من البذاءة والوحشية والقسوة بقدر تجعلَني أرتجِف حتى تصطك عظامي، أئن تحت ضرباته ورفساته وركلاته ولا أستسلم، وأظَن أَني هالك لامحالة. ولا أتوسل، فأغافله وأفوز بنصيبي من حموضة أنفاس نبيذ فاسد، وأنقب في مؤخرة جمجمتي، ألملم أشطان أحلام معتقة كي أمنح كل كلمة ما يسكرها من النقمة، أنا الذي عشت حباة تسر العدا، وكرهت طول عمري المخاتلات، والدسائس، والحكومات المصابة برهاب الجماهير، ومن يربطون قضية الخبز بالأزمات العالمية، والحرية بإفساد الأخلاق، ومن يمدحون الملوك بجزمات مثقوبة وبطون فارغة، والعناقيد بدون غضب والعوازل الطبية، والقوانين لأنها وضعت للمستضعفين فقط،، والعسس وهم يقضون فحمة ليلهم الطويل في حراسة نوم النساء في غياب بعولتهن العنينين، ونقاشات مدمني التدخين عن أمراض الرئة، وأزهار عباد الشمس تطاول النباتات كي تحني هامتها بمذلة لشموس سادرة، والأعراب منذ قالوا للبيت رب يحميه، وحسان بن ثابت الذي لم يركب خيلا ولم يمتشق سيفا، ولم يشارك في غزوة، ولم يصف كاعبا ذات خلخال، وأحببت روزا لوكسمبورغ لأنها تردد اقترب من الشر يا عمري وغني لو، والعنب وقدرة دماره الشامل على إبادة الكروب وجلاء القلوب وإغاثة المكروب .

وعلى مبعدة من ملاك الفناء البائس الخائب الحاد الحضور للخسارات، ومني انا مفعوله البطيء العنيد والصلد، كان يتناهي الي صليل سكاكين ووشيش طبيخ وصوت الات وترية وقهقهات لنساء، وشهيق حيوانات وطيور تتسافد، بينما الخالق يتفرج من سدته العالية على مخلوقاته البائسة ويضحك من المقالب التي ورط فيها الكائنات، وياخذ من قوت الفقراء ليربي أرصدة اللصوص والكسالى، ويؤلب الشعراء للاجهاز على نقاء اللغة،

وفيما كنت أفكر في من ستؤنسني في وحدة القبر، تتمرغ في دمي، وتلهب بضرام شبقها المجنون برودة احشائي، وفي قولة إيفان كارامازوف على لسان دوستويفسكي: "إذا كان اللّه موجوداً، فكيف يَقْدر أن يتحمل عذاب الأطفال؟"*. كانت تتراءى لي بالكاد شياه تطارد ذئابا، وضحية تحاصر جلادها وهو يصيح دع عنك لومي

يا ملك الموت، يا قاهر اللذات، ياقرين الخسارات الكبرى وساكن الخرائب والمقابر والفلوات، والممعن في العزلات الأعمق وحشة، خذ كل ثرواتي، خذ روحي يوم السبت أو الجمعة أو الخميس أو الاربعاء أو الثلاثاء أو الاثنين أو الاحد، لكن لا تخصيني، فأنت خير العارفين أنه سلاحنا الوحيد في فتوحاتنا العظيمة نحن العربان الصناديد..

---------------
الاقتباسات المضمنة:
1 - * للوأوأء الدمشقي

2 - * بيت احمد بخيت
تتبرج الدنيا ونكسر كبرها
ونقول ياحمقاء غري غيرنا
3 - * القولة من رواية الاخوة كرامازوف

الثلاثاء، 24 أبريل 2012

- مواقف ومخاطبات لا تلزم النفري
 سرد
نقوس المهدي


1 - موقف الحضرة والجذبة
اوقفني على سكة الحضرة، وقال يضل الانسان في حيرة من أمر حقيقة وجوده، وحينما يدرك نصف حقيقته او بعضها يفنى، ولا تستساغ الحياة الا ببطلان اسبابها، والشقي من تمادى واضاع وقته في معرفة كنهها، ففي اعقابها تشقى النفوس، ومن دونها تستريح
وقال: اهرب من الحياة ولا تهرب اليها، فانها تصون من لا يصونها، وتتمسح في من يعرض عنها، والقبر غايتها ومستقر ناسوتها، والعمر محدود، والرزق مضمون، والاحتراس واجب من ما لا ينال، ولا يطال، ولا ينقال .
ثم قال: لا تفوض امرك لكيمياء الصدفة، فما في الجب الا الماء، وما في الجبّة الا الهواء، وما في الجيب الا الهباء، وما في الجراب الا الخواء .
وقال شد امرك على درب الحق الى ساعة بلوغ الحقيقة، وكشف الحجاب عن الحساب، وليكن كلامك مسلحا بالمعاني على مقدار التاويل ومنتهى الغايات، وتحقيق الاستحقاق، وليكن عزمك نبراس عزيمتك يرفعك الى سدة القبول والاصطفاء، وسر مستترا بستائر الاسرار، مستورا بسرابيل الستر، فالاسراء بدون سير لا سر له، والسريرة بدون سر لا سيرة لها، والسائر بدون استتار لا سير له، والمسير بدون سمير لا مسرّة له .


2 - موقف الوجد والحال
اوقفني على باب المواجيد، وقال: هذا مقام الوجد، وبلاغة البلاغة بلوغ المكان والزمان وانت محمول على صهوة التجريد، والوجد مفرد لا يحتمل الجمع، وجمع لا له مفرد في باحة الكلام، ومبتغاه ملامسة الغاية، واصله غرائز الغواية، والعيون وسائطه التي تغني عن الايضاح بالافصاح، فآستهد بوميض عرفانه الوهاج، واستلذ بلذاذات الانكشاف، واستدل بهاتف الوجدان، واستتر بفيء جود دوح البسط ، واستظل بفيض مزنه ما استطعت، ولا تبيتن الا وأنت في حل من كل اضمار واشتهاء ولو في المنام .


3- موقف التسوّق
اوقفني ترجمان الأسواق على بعد من رفوف السوبرماركت، وانا بدون متاع، وقال انت وما تشتهي، والكائن بقدر ما يملك، فكانت البضائع تتمطى وتغمز لي بكيمياء البصيرة، وارنو اليها بيقين التبصر، وانال منها بطول التصبر ما يسد سغب حرماني، وما يكفيني مؤونة الافتتان بالبصر .


4- موقف الوادي والماء
أوقفني على دلتا الوادي، وقال لي: يوجد في الوادي ما يوجد في النهر، ثم قال عم نهرك، واكتم سرك، وامسح الماء بالماء، واياك والبلل، واخش من الانهار الهادئ، ولا تعبا بالهادر، فان من اعاقته الكياسة والحنكة وقصر الذراع، استعاظ عنهم باللغو والقيل وطول اللسان .
ثم أوقفني على بسيط الماء، وقال: هذا موقف افتيناه بافتاء مليح، وأفضاله ليست تحد، ومنه وبه وفيه وله وعليه ما لا يعد لا يحصى.
والماء مياه، ماء الوجه، وماء الحياة، وماء الصلب والغدد، وماء العيون
فماء الوجه يكسب المهابة .
وماء الحياة يجلب الكآبة .
وماء العين يوقظ الصبابة .
وماء الصلب والترائب يحدث الجنابة .


5- موقف النطق والصمت
اوقفني في دوامة السديم، وقال لي: النطق والصمت ضفتان، كالصوت والصدى، والكلمة والمعنى، والضوء والعتمة، والقوس والرمح، والنهر والطمي، والشئ وظله، والليل والنهار، والاشراق والإظلام، فاحتم بدياميس النهارات، وتجل بانقشاع الحنادس.
وقال: الحياة كوائن ازلية، والفيوضات احراجها، والحادثات فرسانها، والموسيقا لازوردها الابدي .
فاكفر بكل نعمة متبوعة بلغط .
ولا تخن ذاكرة مجبولة من صلصالك .
ولا تخذل روحك بسراب خلب .
ولا تغير احلامك بمجد غير جدير بوجودك .


6- موقف القلم و" الكيبورد "
اوقفني في رحبة الاقلام، وقال لي: القلم وشيعة العبارات، ونول العرفان، ومنسج الأفكار، وزوادة المعرفة، وزاد العارف، ومن بات ومعدته فارغة واستيقظ وهو شبعان مؤتدم بسر ولائم اسراره فتلك كفاية الكفاية .
وقال: اصل القلم الجنة، وصلبه رحيق اليقين، وحبره ريح رياحينها، وهو اسبق للوجود، وسره ثاو في حرف مكنون، ومن منتهى نقطته يكون طواف الكون كله، وبه خط الخالق الكون وشرع ابوابه ورسم تفاصيله، ثم كانت الهيولى وكان الماء وكان العرش وكان ما كان .
ثم قال: هو زاد الافكار، ولسانك اللاينطق، والمؤتمن على سور المعارف، وحافظ سيرة اهل الاعتراف من افة العدم، وامانات المجالس من الافشاء، وسره مكتوم على سن لسانه في اللوح المحفوظ، والاحتماء بوارف ظلاله يحمي من وحشة العمه، فاجعله حاجب ارادتك، وترجمان جنانك، ونبع الهامك، وضامن منطقك، ومغنيك عن نطقك واحتياجك، حيثما ضاق افق العبارة، واللبيب اللبيب من صانه وسار في اثره على هدي سطور تخط ، واقلام تقط ، وتجليات علوم تلتقط ، وصحائف تبسط .


7- موقف الأبجدية
اوقفني من دوحة البيان تحت ظل ظليل، وقال: الحروف شجرة الوجود، والكلمات سمت التواجد، وهي ترابها، والمعاني سر الموجودات، وهي فسيلتها، والعبارات مشكاة الانوجاد، وهي فروعها، والكشوفات براهين الجود وهي ثمارها .
وقال: قسم الحرف سره بين الكلمات، فالشجرة معلمة، وثمارها علوم معلومة بحسب عناصر الوجود وعدد المنازل، تنجلي لذوي العرفان، وتنطوي على نبراس النور، وتنجي من عماء العدم، وتبرئ النفس من شقاوة الظلال .
ثم أوقفني على اشارة الألف، وقال: الألف ألق الأبجدية، وأرخبيل الأنس، واصل الأمشاج
وأوقفني على باب الباء، وقال: هنا بدر البداعة، وبوصلة البشرى، وبوتقة البشارة.
واوقفني على جرم الجيم، وقال: في الجيم جزء الجواب، وجمر الجوى، وجزالة التجريد، وجرأة الجهر .
وأوقفني تحت دوحة الدال، وقال: الدال درع الدواجي، وديباج الدلالة، ودفق الدلال .
واوقفني على هالة الهاء، وقال: الهاء هبة الهناء، وهدوء الهموم، وهلال الهداية .
واوقفني على وتر الواو، وقال: هو الواو، وفاض الوقاية، ووميض الوفاء، ووكر الوداعة، ووحم الولادة .
واوقفني على حرف الزاي، وقال: هو زمردة الزهد، وزينة الزهو، وزاد الزمان، وزيق الزنار .
واوقفني على حافة الحاء، وقال: احتمي بحرز الحياء يحفظك من حيرة الحدوس .
واوقفني على طين الطاء، وقال: الطاء طاسين الطمانينة، وطيلسان الطهارة، وطهر الطوية
واوقفني على يم الياء، وقال هي ينبوع اليواقيت، ويناعة الياسمين، ويم اليقين
واوقفني على كفل الكاف، وقال فيه اكتمال الكمال، وكبرياء الكمنجات، وكناية الكينونة
واوقفني على لواء اللام، وقال هو لجين اللفظ، ولباقة الليونة، ولهيب اللوعة
واوقفني على مقام الميم، وقال هي ماعون المحو، ومربد البهجة، ومنتهى الملاحة
وأوقفني على نول النون، وقال هو نبراس النفوس، ونشوة النهاية، ونقاء النوايا
واوقفني على سن السين، وقال بسناء سلافته تستكين السجايا، وتسترخي السرائر، وتستدفئ السلالات .
واوقفني على علو العين، وقال هي عسلوج العناية، وعبق العفاف، وعلامة العشق
واوقفني على فص الفاء، وقال هو فيض الفيوضات، وفيضان الفضيلة، وفخر الفطنة
واوقفني على صرح الصاد وقال هو صهوة الصفاء، وصهد الاصطلام، وصهيل الصبوات
واوقفني علي قوس القاف وقال هو نقس القرطاس، وقرار القناعة، وقناع القهر
واوقفني علي ربوة الراء، وقال بروائها روعة الرشاقة، ورغبة الرغاب
واوقفني على شفا الشين، وقال هو شفاء الشدائد، وشدو الشطحات، وشهقة الشهوة
واوقفني على تلة التاء، وقال بتمامها يكون تمام التواشيح، وتيجان التيه.
واوقفني على خد الخاء، وقال هو خمر الخلود، وخمار الخواطر .
واوقفني على ذروة الذال، وقال هنا ذهاب الذهول، وذوذ الذمام .
واوقفني على ضوء الضاد، وقال هو ضياء الضراعة، وضمان الضرع، وضوع الضمائر
واوقني في ظل الظاد، وقال هو ظلام الظهور، وظمأ الظفر، وظل الظهيرة.
واوقفني على غرة الغين، وقال هو غشيان الغواية، وغدر الغياب، وغموض الاغتراب .


8- موقف الرؤيا
يا أيها النفري
بالأمس حلمت بك
قد تكون انت
وربما طيفك
لم أتبين ملامحك
وحصيلتك من سفر " النطق والصمت "
ولا رؤية ما في جبتك من احلام مؤجلة
كنت تقعي لترتوي على ريق القناعة ماء
وتهب مسرعا كالملتاع نحو عراء العراء
جناحاك الريح
مراياك سراب المفازات
زادك سلافة المشائين
وعلى منكبيك العاريين عبء العزلات
أنت المجبول من أمشاج المنافي
الآتي على صهوة الغيم
لتنتبذ مكانا قصيا في الفيافي
ترمم شروخ الذات
تداري أوجاعك بأوهام القطيعة
وتصغي لكركرة العتمات
وهمس القبرات للطبيعة
وتهلوس بكلام مبين
عن هواجس طاعنة في الضيم
وصداقات ممعنة في الخديعة
......
........


9- موقف الشيخ محمد ابن عبدالجبار
اوقفته في موقف المواقف، وقلت له: ارجع يا ايها النفري يا ابن عبد الجبار، وصن سيرتك الاولى، واحفظ وصاياك .
بيني وبينك علم اذا ناله جاهل تكبر، واذا ناله عالم تجبر، وصحائف لا تتسع لمخاطباتك، وركح لا يسع شطحك، وصنوج كاتمة للصوت، ومطهرات غير قادرة على تنظيف خرقتك، وهواء محشو بنكهة الزرنيخ والاورانيوم المخصب، والديناميت والنفطلين .
عد يا ايها النفري، فقد غاضت بحور الفراهيدي، ومات الشعراء، ومات الشرفاء، ومات الانبياء، ومات الكبرياء، ومات المؤرخون، ومات الضمير، وبهدلتنا الفواجع، وأضحى المدى مشاعا لغبار المدائح والوشاية، وتلصص المرتزقة والمخبرين ..
عد يا ايها النفري، حتى نعتق العامرية من غدر العلوج بآيات بينات من الشعر الرجيم، ونطهر بغداد من هدير الاباتشي، ورجس الشيطان ببلاغة الخطباء المخصيين .


10- موقف الحيرة
فأوقفني في الحيرة وقال .
ودين الرب لم أجد أي جواب .
ماذا فعلنا كي نستاهل هذا العذاب .
أمن الأحياء حقا نحن ام من الميتين .
ماذا اقترفنا كي نشرق بغصة غربتين .
ماذنبنا يا ألله كي نعذب في حياتنا مرتين .

مواقف ومخاطبات لا تلزم النفري


مواقف ومخاطبات لا تلزم النفري
نقوس المهدي


1 - موقف الحضرة والجذبة
اوقفني على سكة الحضرة، وقال يضل الانسان في حيرة من أمر حقيقة وجوده، وحينما يدرك نصف حقيقته او بعضها يفنى، ولا تستساغ الحياة الا ببطلان اسبابها، والشقي من تمادى واضاع وقته في معرفة كنهها، ففي اعقابها تشقى النفوس، ومن دونها تستريح
وقال: اهرب من الحياة ولا تهرب اليها، فانها تصون من لا يصونها، وتتمسح في من يعرض عنها، والقبر غايتها ومستقر ناسوتها، والعمر محدود، والرزق مضمون، والاحتراس واجب من ما لا ينال، ولا يطال، ولا ينقال .
ثم قال: لا تفوض امرك لكيمياء الصدفة، فما في الجب الا الماء، وما في الجبّة الا الهواء، وما في الجيب الا الهباء، وما في الجراب الا الخواء .
وقال شد امرك على درب الحق الى ساعة بلوغ الحقيقة، وكشف الحجاب عن الحساب، وليكن كلامك مسلحا بالمعاني على مقدار التاويل ومنتهى الغايات، وتحقيق الاستحقاق، وليكن عزمك نبراس عزيمتك يرفعك الى سدة القبول والاصطفاء، وسر مستترا بستائر الاسرار، مستورا بسرابيل الستر، فالاسراء بدون سير لا سر له، والسريرة بدون سر لا سيرة لها، والسائر بدون استتار لا سير له، والمسير بدون سمير لا مسرّة له .


2 - موقف الوجد والحال
اوقفني على باب المواجيد، وقال: هذا مقام الوجد، وبلاغة البلاغة بلوغ المكان والزمان وانت محمول على صهوة التجريد، والوجد مفرد لا يحتمل الجمع، وجمع لا له مفرد في باحة الكلام، ومبتغاه ملامسة الغاية، واصله غرائز الغواية، والعيون وسائطه التي تغني عن الايضاح بالافصاح، فآستهد بوميض عرفانه الوهاج، واستلذ بلذاذات الانكشاف، واستدل بهاتف الوجدان، واستتر بفيء جود دوح البسط ، واستظل بفيض مزنه ما استطعت، ولا تبيتن الا وأنت في حل من كل اضمار واشتهاء ولو في المنام .


3- موقف التسوّق
اوقفني ترجمان الأسواق على بعد من رفوف السوبرماركت، وانا بدون متاع، وقال انت وما تشتهي، والكائن بقدر ما يملك، فكانت البضائع تتمطى وتغمز لي بكيمياء البصيرة، وارنو اليها بيقين التبصر، وانال منها بطول التصبر ما يسد سغب حرماني، وما يكفيني مؤونة الافتتان بالبصر .


4- موقف الوادي والماء
أوقفني على دلتا الوادي، وقال لي: يوجد في الوادي ما يوجد في النهر، ثم قال عم نهرك، واكتم سرك، وامسح الماء بالماء، واياك والبلل، واخش من الانهار الهادئ، ولا تعبا بالهادر، فان من اعاقته الكياسة والحنكة وقصر الذراع، استعاظ عنهم باللغو والقيل وطول اللسان .
ثم أوقفني على بسيط الماء، وقال: هذا موقف افتيناه بافتاء مليح، وأفضاله ليست تحد، ومنه وبه وفيه وله وعليه ما لا يعد لا يحصى.
والماء مياه، ماء الوجه، وماء الحياة، وماء الصلب والغدد، وماء العيون
فماء الوجه يكسب المهابة .
وماء الحياة يجلب الكآبة .
وماء العين يوقظ الصبابة .
وماء الصلب والترائب يحدث الجنابة .


5- موقف النطق والصمت
اوقفني في دوامة السديم، وقال لي: النطق والصمت ضفتان، كالصوت والصدى، والكلمة والمعنى، والضوء والعتمة، والقوس والرمح، والنهر والطمي، والشئ وظله، والليل والنهار، والاشراق والإظلام، فاحتم بدياميس النهارات، وتجل بانقشاع الحنادس.
وقال: الحياة كوائن ازلية، والفيوضات احراجها، والحادثات فرسانها، والموسيقا لازوردها الابدي .
فاكفر بكل نعمة متبوعة بلغط .
ولا تخن ذاكرة مجبولة من صلصالك .
ولا تخذل روحك بسراب خلب .
ولا تغير احلامك بمجد غير جدير بوجودك .


6- موقف القلم و" الكيبورد "
اوقفني في رحبة الاقلام، وقال لي: القلم وشيعة العبارات، ونول العرفان، ومنسج الأفكار، وزوادة المعرفة، وزاد العارف، ومن بات ومعدته فارغة واستيقظ وهو شبعان مؤتدم بسر ولائم اسراره فتلك كفاية الكفاية .
وقال: اصل القلم الجنة، وصلبه رحيق اليقين، وحبره ريح رياحينها، وهو اسبق للوجود، وسره ثاو في حرف مكنون، ومن منتهى نقطته يكون طواف الكون كله، وبه خط الخالق الكون وشرع ابوابه ورسم تفاصيله، ثم كانت الهيولى وكان الماء وكان العرش وكان ما كان .
ثم قال: هو زاد الافكار، ولسانك اللاينطق، والمؤتمن على سور المعارف، وحافظ سيرة اهل الاعتراف من افة العدم، وامانات المجالس من الافشاء، وسره مكتوم على سن لسانه في اللوح المحفوظ، والاحتماء بوارف ظلاله يحمي من وحشة العمه، فاجعله حاجب ارادتك، وترجمان جنانك، ونبع الهامك، وضامن منطقك، ومغنيك عن نطقك واحتياجك، حيثما ضاق افق العبارة، واللبيب اللبيب من صانه وسار في اثره على هدي سطور تخط ، واقلام تقط ، وتجليات علوم تلتقط ، وصحائف تبسط .


7- موقف الأبجدية
اوقفني من دوحة البيان تحت ظل ظليل، وقال: الحروف شجرة الوجود، والكلمات سمت التواجد، وهي ترابها، والمعاني سر الموجودات، وهي فسيلتها، والعبارات مشكاة الانوجاد، وهي فروعها، والكشوفات براهين الجود وهي ثمارها .
وقال: قسم الحرف سره بين الكلمات، فالشجرة معلمة، وثمارها علوم معلومة بحسب عناصر الوجود وعدد المنازل، تنجلي لذوي العرفان، وتنطوي على نبراس النور، وتنجي من عماء العدم، وتبرئ النفس من شقاوة الظلال .
ثم أوقفني على اشارة الألف، وقال: الألف ألق الأبجدية، وأرخبيل الأنس، واصل الأمشاج
وأوقفني على باب الباء، وقال: هنا بدر البداعة، وبوصلة البشرى، وبوتقة البشارة.
واوقفني على جرم الجيم، وقال: في الجيم جزء الجواب، وجمر الجوى، وجزالة التجريد، وجرأة الجهر .
وأوقفني تحت دوحة الدال، وقال: الدال درع الدواجي، وديباج الدلالة، ودفق الدلال .
واوقفني على هالة الهاء، وقال: الهاء هبة الهناء، وهدوء الهموم، وهلال الهداية .
واوقفني على وتر الواو، وقال: هو الواو، وفاض الوقاية، ووميض الوفاء، ووكر الوداعة، ووحم الولادة .
واوقفني على حرف الزاي، وقال: هو زمردة الزهد، وزينة الزهو، وزاد الزمان، وزيق الزنار .
واوقفني على حافة الحاء، وقال: احتمي بحرز الحياء يحفظك من حيرة الحدوس .
واوقفني على طين الطاء، وقال: الطاء طاسين الطمانينة، وطيلسان الطهارة، وطهر الطوية
واوقفني على يم الياء، وقال هي ينبوع اليواقيت، ويناعة الياسمين، ويم اليقين
واوقفني على كفل الكاف، وقال فيه اكتمال الكمال، وكبرياء الكمنجات، وكناية الكينونة
واوقفني على لواء اللام، وقال هو لجين اللفظ، ولباقة الليونة، ولهيب اللوعة
واوقفني على مقام الميم، وقال هي ماعون المحو، ومربد البهجة، ومنتهى الملاحة
وأوقفني على نول النون، وقال هو نبراس النفوس، ونشوة النهاية، ونقاء النوايا
واوقفني على سن السين، وقال بسناء سلافته تستكين السجايا، وتسترخي السرائر، وتستدفئ السلالات .
واوقفني على علو العين، وقال هي عسلوج العناية، وعبق العفاف، وعلامة العشق
واوقفني على فص الفاء، وقال هو فيض الفيوضات، وفيضان الفضيلة، وفخر الفطنة
واوقفني على صرح الصاد وقال هو صهوة الصفاء، وصهد الاصطلام، وصهيل الصبوات
واوقفني علي قوس القاف وقال هو نقس القرطاس، وقرار القناعة، وقناع القهر
واوقفني علي ربوة الراء، وقال بروائها روعة الرشاقة، ورغبة الرغاب
واوقفني على شفا الشين، وقال هو شفاء الشدائد، وشدو الشطحات، وشهقة الشهوة
واوقفني على تلة التاء، وقال بتمامها يكون تمام التواشيح، وتيجان التيه.
واوقفني على خد الخاء، وقال هو خمر الخلود، وخمار الخواطر .
واوقفني على ذروة الذال، وقال هنا ذهاب الذهول، وذوذ الذمام .
واوقفني على ضوء الضاد، وقال هو ضياء الضراعة، وضمان الضرع، وضوع الضمائر
واوقني في ظل الظاد، وقال هو ظلام الظهور، وظمأ الظفر، وظل الظهيرة.
واوقفني على غرة الغين، وقال هو غشيان الغواية، وغدر الغياب، وغموض الاغتراب .


8- موقف الرؤيا
يا أيها النفري
بالأمس حلمت بك
قد تكون انت
وربما طيفك
لم أتبين ملامحك
وحصيلتك من سفر " النطق والصمت "
ولا رؤية ما في جبتك من احلام مؤجلة
كنت تقعي لترتوي على ريق القناعة ماء
وتهب مسرعا كالملتاع نحو عراء العراء
جناحاك الريح
مراياك سراب المفازات
زادك سلافة المشائين
وعلى منكبيك العاريين عبء العزلات
أنت المجبول من أمشاج المنافي
الآتي على صهوة الغيم
لتنتبذ مكانا قصيا في الفيافي
ترمم شروخ الذات
تداري أوجاعك بأوهام القطيعة
وتصغي لكركرة العتمات
وهمس القبرات للطبيعة
وتهلوس بكلام مبين
عن هواجس طاعنة في الضيم
وصداقات ممعنة في الخديعة
......
........


9- موقف الشيخ محمد ابن عبدالجبار
اوقفته في موقف المواقف، وقلت له: ارجع يا ايها النفري يا ابن عبد الجبار، وصن سيرتك الاولى، واحفظ وصاياك .
بيني وبينك علم اذا ناله جاهل تكبر، واذا ناله عالم تجبر، وصحائف لا تتسع لمخاطباتك، وركح لا يسع شطحك، وصنوج كاتمة للصوت، ومطهرات غير قادرة على تنظيف خرقتك، وهواء محشو بنكهة الزرنيخ والاورانيوم المخصب، والديناميت والنفطلين .
عد يا ايها النفري، فقد غاضت بحور الفراهيدي، ومات الشعراء، ومات الشرفاء، ومات الانبياء، ومات الكبرياء، ومات المؤرخون، ومات الضمير، وبهدلتنا الفواجع، وأضحى المدى مشاعا لغبار المدائح والوشاية، وتلصص المرتزقة والمخبرين ..
عد يا ايها النفري، حتى نعتق العامرية من غدر العلوج بآيات بينات من الشعر الرجيم، ونطهر بغداد من هدير الاباتشي، ورجس الشيطان ببلاغة الخطباء المخصيين .


10- موقف الحيرة
فأوقفني في الحيرة وقال .
ودين الرب لم أجد أي جواب .
ماذا فعلنا كي نستاهل هذا العذاب .
أمن الأحياء حقا نحن ام من الميتين .
ماذا اقترفنا كي نشرق بغصة غربتين .
ماذنبنا يا ألله كي نعذب في حياتنا مرتين .